مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة يعالج ظاهرة جنوح الأحداث في المجتمع الجزائري
نظّم مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة يوم الخميس 21 أكتوبر 2021 ملتقى وطنيا حول ظاهرة جنوح الأحداث في المجتمع الجزائري: العوامل والعلاج، تحت رئاسة الدكتور عمر بن عيشوش، و الذي كان فرصة علمية لتشخيص الظاهرة و الوقوف عند أهم المشكلات و متطلّبات الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين، وعرض تجارب الدول الرائدة في هذا المجال.
وجنوح الأحداث ظاهرة أعزاها الدكتور كيلاني زروالة -رئيس غرفة الأحداث بمجلس قضاء تيبازة- في محاضرته الافتتاحية إلى عوامل اجتماعية تتعلق بالجانب الأسري؛ علاقة الوالدين؛ المستوى المعيشي؛ فضلا عن البيئة المحيطة ومكان الإقامة ....، وأخرى فردية تخص شخصية الحدث ومدى استعداده لتحقيق أهدافه الشخصية، وأي سلوك يسلكه لتحقيق تلك الأهداف من عدوانية وعنف أي أفعال مجرمة.
والطفل الحدث كما عرّفه الدكتور كيلاني زروالة من خلال الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المصادق عليها من طرف الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 92-461 المؤرخ في 19/12/1992، بأنه الطفل الانسان الذي لم يتجاوز سن الثامنة عشر أي ما لم يبلغ سن الرشد القانونية وفق القانون المطبق عليه وهذا طبقا لنص المادة الأولى من قانون حماية حقوق الطفل لعام 1989، مما دفع المشرع الجزائري إلى تدعيم الترسانة القانونية الخاصة بالأحداث بقانون حماية الطفولة 15/12 المؤرخ في 15/07/2015.
كما أضاف أنّ حماية الطفل تكون على ضربين حماية اجتماعية من توعية أسرية، و عمل جواري للمساعدين النفسانين قصد التكفّل بالطفل الحدث، بالاضافة إلى إعادة النظر في النظام البيداغوجي من خلال هندسة بيداغوجية تعالج التسرّب المدرسي، وتوفير المرافق الثقافية والرياضية الجوارية، و إعادة بعث التكوين الأخلاقي وخاصة مادة الأخلاق. وحماية قانونية من خلال تمييز المشرع الجزائري للأفعال التي يرتكبها الطفل عن البالغين، ومن ذلك ما جاء به قانون حماية الطفل و كيفية التعامل معه على مستوى المراكز أو مؤسسات إعادة التربية.
وختم الدكتور زروالة كيلاني مداخلته بأنّ موضوع جنوح الأحداث يتطلب تظافر جهود الجميع، كل في مجاله، بالإضافة إلى سياسة شمولية لمواجهة هذه الظاهرة، مع استغلال وسائل التكنولوجيا الحديثة من أجل التواصل مع هذه الشريحة خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي.
الجلسة الافتتاحية كانت ثرية ومتميزة شاركت فيها العديد من القطاعات ذات الصلة بالأحداث منها القضاء والشرطة، ناقش فيها المتدخلون الموضوع كل من زاويته ومن جانب اختصاصه، فقد كان للدكتور نسراقي محند الزين قاضي التحقيق ومستخلف قاضي الأحداث بمحكمة آفلو مداخلة حول الوساطة الجزائية كآلية قانونية بديلة لمعالجة جنوح الأحداث في ظل قانون حماية الطفل 15/12 ، كما أثرى الجلسة الدكتور ثابتي السعيد قاضي التحقيق بمحكمة الأغواط بمداخلة حول الحماية القضائية للحدث الجانح خلال مرحلتي التحقيق القضائي والمحاكمة، وبدوره كان للدكتور كمال بوشليق رئيس محكمة باتنة مداخلة حول امتياز الإجراءات للحدث الجانح قبل وبعد المحاكمة. كما كان قطاع الشرطة حاضرا بمداخلة حول دور مصالح الأمن في حماية الطفولة، قدمتها الملازم الأول حنان صحراوي.
الجلسة الافتتاحية تميزت بمداخلات قيمة لأساتذة وباحثين منها مداخلة للدكتورة مباركة يوسفي من جامعة الأغواط والتي تطرقت بشيء من التفصيل لخصوصية المتابعة الجزائية للحدث الجانح.
الملتقى كان بمساهمة العديد من المؤسسات الخاصة: فندق طيبة ( آفلو)، فندق أفنان( آفلو)، المدرسة الخاصة Advance Academy ( الأغواط)، فندق الفضل ( آفلو). أديرت فيه أزيد من 80 مداخلة ضمن ست ورشات عبر تقنية التحاضر عن بعد، قدّمها نخبة من الأساتذة من مختلف جامعات الوطن، درسوا الموضوع من جوانب اجتماعية، نفسية، شرعية، قانونية، و التي غطت محاور الملتقى المتمثلة في :
المحور الأول: مقاربات مفاهيمية لجنوح الأحداث،
المحو الثاني: عوامل وأسباب تفشي ظاهرة جنوح الأحدث،
المحور الثالث: التدابير الوقائية للحد من ظاهرة جنوح الأحداث،
المحور الرابع: خصوصية المتابعة القضائية للحدث الجانح في التشريع الجزائري (أثناء التحقيق –المحاكمة- قضاء العقوبة)،
المحور الخامس: دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في دمج الحدث في المجتمع من جديد.
و قد خلص الملتقى إلى التوصيات التالية:
1- التأكيد على العمل الجواري والدور الفعال للمساعدين الاجتماعيين و إعطائهم الصلاحيات في الرعاية المباشرة للأحداث الجانحين بالتنسيق مع الأسرة.
2-توفير وتأطير المراكز الترفيهية و الثقافية على مستوى جميع الأحياء والمجمعات السكانية.
3-إعادة النظر في آليات الوضع بمراكز الوسط المفتوح ، و منحهم فرص التعليم والتكوين لإعادة دمجهم في المجتمع.
4- توسيع تشكيلة محكمة الأحداث الجنائية بإضافة أخصائيين نفسانيين ومساعدين تربويين.
5- الحث على المرافقة الوالدية للأبناء و توجيهيم في استعمال التكنولوجيات الحديثة ، لتحصينهم من الغزو الثقافي .
6- تفعيل دور المؤسسات الدينية من مساجد و مدارس قرآنية في التنشئة الأسرية السليمة للأحداث.
7-العمل على اعداد برامج مشتركة ما بين الفاعلين من وزارات ذات الصلة بالأحداث، من أجل وقايتهم و إعادة تأهيلهم.
8-تفعيل كل الإجراءات المرتبطة بحماية الأحداث من خلال وضع رزنامة لقاءات و ندوات تشارك فيها كل الهيئات المرتبطة بحماية الحدث.
9- العمل على عقد اتفاقات و اقامة شراكات ما بين الجامعات ومراكز البحوث من جهة ومؤسسات حماية الأحداث من جهة أخرى، بغية تشجيع العمل الميداني للباحثين في قضايا الأحداث.
10-نشر أعمال الملتقى في مجلة علمية محكمة ذات مقروئية.