الملتقى الوطني حول ترسيخ القيم لدى الأطفال في ظل التحديات الراهنة
نظّم مركز البحث في العلوم الإسلامية و الحضارة بالأغواط ملتقى وطني حول " ترسيخ القيم لدى الأطفال في ظل التحديات الراهنة "، برئاسة الدكتورة سميرة مراح ، يوم الثلاثاء 20 سبتمبر الجاري، عبر تقنية التحاضر عن بعد. الملتقى انطلق من اشكالية تحدّيات ترسيخ القيّم لدى الاطفال في المجتمع الجزائري، في ظلّ ما تفرزه الثورة الرقمية من وسائط تكنولوجية معاصرة و من وسائل تواصل اجتماعي ، خصوصا مع وفرة هذه الاخيرة و سهولة اقتنائها و استعمالها، حيث باتت تهدّد هذه الشريحة الهشّة في ظلّ غياب الرقابة الأبوية و التوجيه الصحيح من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بتجريدها للطفل من القيّم الأصيلة المستمدة من لدين الحنيف و من الأعراف الثابتة، فيصبح أجوفا ، و هدفا سهلا للعزو الثقافي البعيد كل البعد عن قيّمنا الراسخة.
في ظلّ هذه المتغيرات المتسارعة و التحديات العاصفة بملامح الهوية، ما أحوج أن ندرك المنهج السليم في التربية و التنشئة ،و نفقه المعاني السامية في ذلك ، و التي لخّصها الإمام البشير الابراهيمي و عبّر عنها في عيون البصائر قائلا : " غاية الغايات من التربية هي توحيدُ النشء الجديد في أفكاره ومشاربه، وضبط نوازعه المضطربة، وتصحيح نظراته إلى الحياة، ونقلُهُ من ذلك المُضْطَرَبْ الفكري الضيّق الذي وضعه فيه مجتمعه، إلى مضطرب أوسَعَ منه دائرةً، وأرْحَبَ أُفُقًا، وأصحَّ أساَسًا، فإذا تمّ ذلك وانتهى إلى مدَاهُ طَمِعْنَا أن تُخْرِجَ لنا المدرسة جيلاً متلاَئِمَ الأذواق، متَّحِدَ المشارب، مضبوطَ النزعاَت، يَنْظُرُ إلى الحياة- كما هي- نظرةً واحدةً، ويَسْعَى في طلبها بإرادة متحدة، ويعملُ لمصلحة الدين والوطن بقوة واحدة، في اتجاهٍ واحدٍ[كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، ج3/275]"، و هو مبحث انبرت له أقلام الباحثين الأثبات المشاركين في هذا الملتقى العلمي بقرابة الخمس و سبعين مداخلة حسب تصريحات الدكتورة رئيسة الملتقى، بحثوا فيها عن الآليات التي تسهم بفاعلية في ترسيخ القيم لدى الأطفال، و بالتالي انشاء جيل ثابت الهوية ، متماسك البنيان ، نافعا لمجتمعه ، رافعا لوطنه.
و من خلال التصدي لمحاور الملتقى بالبحث و التحليل و النقاش العلمي المثمر، خلص الباحثون إلى التوصييات التالية :
- إعادة تفعيل أدوار ووظائف مؤسسات التنشئة الاجتماعية بداية من الأسرة (الأم والآباء)، المدرسة، المسجد والنوادي الرياضية والكشافة الإسلامية وتكييفها مع مقتضيات البيئة الرقمية وأشكال تأثيرها على الطفل لإكسابه مناعة وحصانة ضد كل ما يعد خطرا على سلوكاته وقيمه وحياته.
- ولمواجهة مخاطر التكنولوجيا الحديثة للاتصال يجب على الأولياء الوعي بخطورة الانترنت وتطبيقاتها على قيم الطفل والبناء السليم لشخصيته وفق أطر وضوابط المجتمع الذي ينتمي إليه.
- مرافقة الأبناء ومجالستهم أثناء استعمال شبكة الانترنت ومختلف المنصات الرقمية مع التحكم في العتاد الرقمي.
- تطوير قدرات الأطفال النقدية ورفع منسوب الشك عندهم حول مضامين المنصات الرقمية فليس كل ما يعرض أو ينشر صادق صحيح ونزيه.
- الوعي بالآثار السلبية للألعاب الالكترونية على الصحة النفسية للطفل.
- ضرورة الالتفات الى المقررات المدرسية التي يجب أن تتماشى من النسق القيمي الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الجزائري.
- الاهتمام بالإنتاج الاعلامي المحلي الموجه للطفل بتوظيف التراث الثقافي الشعبي الجزائري والعربي والإسلامي.
- تفعيل واستغلال نتائج الدراسات والبحوث حول الطفل على أرض الواقع واستحداث مراكز بحث وطنية وجهوية لرصد أهم ما جاء فيها واستثماره في المجال الإعلامي والتربوي والاجتماعي.
- تنظيم حملات إعلامية توعوية حول مخاطر الانترنت وتطبيقاتها وتأثيرها على قيم الطفل وذلك في المؤسسات التربوية وعبر قنوات الاعلام المختلفة.
- اعتماد الجهات الرسمية لآليات قانونية رادعة ، لحماية الطفل من مختلف أشكال التنمر والابتزاز والاستغلال الجنسي عبر الانترنت.
- إعادة احياء الألعاب الشعبية الجماعية وتشجيع الطفل على تنويع الأنشطة مما يساهم في ترسيخ القيم الاجتماعية.
- العمل على مواجهة الصراع القائم بين القيم الوطنية والمحلية والقيم الغربية الوافدة.
- تفعيل دور التربية الإعلامية وآلياتها المعاصرة في التربية المدرسية، وتحمل المسؤولية من طرف كل أطياف المجتمع وتحديدا الباحثين لاستحداث آلياتها (التربية الإعلامية) لدى الطفل المتمدرس.
- التزام المجتمع (السلطات الرسمية والمجتمع المدني) بإحياء أدوار المدرسة القرآنية وتطويرها بما يخدم المنظومة القيمية للطفل.
- انشاء فضاءات للترفيه والتسلية وتشجيع الفنون (المسرح، الموسيقى، الرسم،...) التي تدعم القيم الجمالية عند الطفل.
- مراجعة الآباء والأمهات لعلاقتهم بالتكنولوجيات الحديثة للاتصال وخاصة في حضور أبنائهم بناءا وترسيخا للقدوة الحسنة.
- الاهتمام بدمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مدرسيا وتوعية الفرق التربوية والإدارية العاملة على مستوى المدارس العادية وأيضا التلاميذ حول أبعاده الإنسانية والقيم الأخلاقية التي يحملها وحمايتها من المخاطر التي تترصد بها.