كلمة مدير المركز 

يعتبر مركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة، واجهة ثقافية وعلميّة رائدة في مجال البحث في العلوم الإسلاميَّة، وفي الملمحيَّة الحضاريّة، التي يكرّسها العمل البحثي داخل المركز، مما يضطلع به ثلَّة من الباحثين الدائمين، ولفيف من الأساتذة المشاركين، مع نخبة من أسلاك دعم  البحث في مختلف الرتب  والتخصصات، منذ فتح في شهر جويلية 2015م.

و معلوم أن الحركة العلمية في مجالات الفكر والعقيدة، وميادين الفقه والإعجاز، وجوانب التَّاريخ الثقافي، وما يلحق بهذا المجال في شتى المواضيع  والتخصصات، هي حصيلة مجهود أكيد، من الباحثين الذين يعملون بإخلاص  وجد، لتحقيق مخطط البحث الاستراتيجي ، الذي يتضمن آفاقاً تستوعب مطامح المركز، في الحاضر والمستقبل، ممَّا لا بدَّ من بذل التَّضحية في سبيله، والمصابرة على تحقيق غاياته المرسومة، لأنَّ البحث لا ينقاد للباحث جزؤه، إلا إذا أعطاه كلَه، وضروري بأن يكون التصور للآفاق والآليات، ومعالم التبصُّر بالواقع المعيش، وتحديات المرحلة التي تميِّز حال الأمة العربية والإسلاميَّة عموماً، وما يتَّسم به وطننا الجزائري الغالي، الذي يشهد التَّاريخ، وتظهر المخطوطات والآثار المتنوعة، ما يزخر به من مآثر وأمجاد، مؤكداً بما لا يدع مجالاً للرَّيب، إسهامه في الحركة الحضارية العالمية هي المطمح الأسمى للباحثين الأفذاذ الذين يبرزونها بعبقرية وجدارة، وقد قام صفوة من الباحثين المعاصرين كالشيخ المهدي البوعبدلي، والدُّكتور سعد الله، والدُّكتور يحي بوعزيز، وكثيرون من أمثالهم، بدورهم الرائد في نفض الغبار عن الموروث الحضاري الجزائري، الذي تألَّق على يد الفطاحلة من العلماء الأمجاد، عبر العصور التَّاريخية المزدهرة بالعلوم والكشوف، والتي بقيت آثارها تدلُّ عليها، وتراكمت مخطوطاتها المنتشرة في الزوايا والتكايا،  والمكتبة الوطنية، والمكتبات الخاصة، وذلك في تلمسان، وبجاية، ومليانة، وقسنطينة، ووهران والأغواط، وغرداية، وبلاد توات، ممَّا لا يمكن حصره، والذي يؤكِّد بأنَّ الساحة العلميَّة في الجزائر، مؤهلة لأنْ تزدهر وتترقّى، بالخميرة الزاكية، من الآثار الباقية، التي يمكن تجديد معينها، وبعثها من سباتها لتدفع الحركة الثقافية
 والعلمية، قدماً نحو الفاعلية والتألُّق.  وجدير بنا ونحن في مركز البحث المتخصص، في مختلف العلوم الإسلاميَّة  والحضارية، أن نعمل جديًّا لتحقيق هذا الهدف النَّبيل، فننفض الغبار عن التراث، ونعمل على مواكبة الأحداث، ومعالجة القضايا الحسَّاسة، في إطار التعايش مع الأفكار، والإيديولوجيات، والخصوصيات، التي أفرزها واقع العولمة المتصارع، في عالم لا يرحم الضعفاء، ولا يستجيب إلا لمنطق القوة العسكرية، أو القوة العلمية التكنولوجية.

 وقد أسَّسنا مجلات أربع دولية محكمة في تخصصات شتى منها مجلة للعلوم الإسلامية والحضارة، مجلة العلوم الإجتماعية ،مجلة النوازل الفقهية والقانونية ومجلة العرفان للدراسات الصوفية  وعملنا على ترسية أيام دراسية قارَّة لتجلية نتائج البحث الجزئية والكلية، التي يعكف عليها الباحثون، في إطار فرقهم المتنوعة، وذلك لتجميع الجهود، من أجل دعم البحث  وترقيته في هذا المجال الحضاري والفكري المتماوج.. ونحن بحاجة في إطار ما نبت من ملل ضالة، ونحل منحرفة، وأفكار شاذة متطرفة، أن نعمل على تجلية الحق  وإظهار ما نراه ملائماً لعصرنا، وضامناً لوحدة وطننا، ومحققاً لنهضة أمتنا، ومعلوم أنَّ الجزائر بمرجعيتها الأصيلة، لا تفتأ عبر العصور، تدافع عن مبادئها الراسية،
و قيمها الراسخة، ومنظومتها العلمية الراقية، وتفخر بمجدها الثوري الذي شاع في العالم برمَّته، بنفس القدر الذي تفخر فيه بمجدها العلمي والحضاري الذي تعاقبت عليه دول وعصور، وازدهر بالعلم والفكر، والوسطية والنّور.

و إننا في هذا الفضاء الإلكتروني الإفتراضي الذي خصصناه موقعاً لمركز البحث، لنؤكد دعوتنا لكل الكفاءات العلمية والفكرية في الوطن الجزائري وسائر الأوطان، على أن تسهم معنا، في إثراء هذا الموقع والمجلات الصادرة بالمركز، وتدعم معنا مسار الباحثين بالمشاركة الإيجابية، التي نرجوها أن تتنوع في الأطروحات والتخصصات والأفكار، تنوع المعنى الحضاري الذي يحمله هذا المركز، فنصل بذلك إلى تحقيق أهدافنا القريبة والبعيدة، لتحقيق نهضة بحثية، يشترك فيها كل أبناء الوطن، فيقدمون للجزائر ما به تزهو وتفاخر..

وإن غدا لناظره قريب ..وما ذلك على همم المخلصين والأكفاء والصادقين بعزيز...

و الله الموفق للسَّداد

و عليه وحده الاتكال والاعتماد.

 

                                                                                                                                    أ.د مبروك زيد الخير

                                                                                                                                   مدير مركز البحث في العلوم الإسلامية  و الحضارة بالأغواط

Back to top